المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية National Center For Mental Health Promotion حيـــاة أفضــل
القائمة الرئيسية

الدعم النفسي في قلب المجتمع: نحو رعاية أقرب، وأصدق، وأشمل

الدعم النفسي في قلب المجتمع: نحو رعاية أقرب، وأصدق، وأشمل

 

هل شعرت يومًا أن ألمك النفسي لا يُفهم؟ أو أنك بحاجة إلى من يسمعك دون أن يحكم عليك؟هذه التجربة يمر بها كثير من الناس، لكنها لا تلقى دائمًا الدعم الكافي. لهذا، أصبح من الضروري أن تأتي الرعاية النفسية من قلب المجتمع نفسه؛ ولن يكون ذلك إلا بالوعي والتثقيف.

 

ما الدعم النفسي المجتمعي؟

هو تقديم خدمات الصحة النفسية في حياة الناس اليومية؛ في مراكز الرعاية، والمدارس، والأحياء، وحتى عبر شبكات غير رسمية، وغير ذلك.

ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية (2023)، تسهم هذه المقاربة في:

تقليل الحواجز أمام الحصول على الدعم النفسي.

تقليل الاعتماد على التنويم والعزل.

تعزيز الشعور بالانتماء والاستقرار الاجتماعي.

 

نموذج ملهم: برنامج Atmiyata  في الهند

في قرًى هندية ريفية، أُطلق برنامج Atmiyata، وهو مبادرة يسيرة وفعالة درّبت أفرادًا من المجتمع المحلي على تقديم الدعم النفسي الأولي لجيرانهم.

 

هؤلاء "الداعمون" لا يحملون مؤهلات طبية، لكنهم تلقوا تدريبًا جيدًا على:

الاستماع دون إصدار أحكام.

دعم من يعانون القلق أو الاكتئاب.

توجيه الحالات التي تحتاج إلى خدمات مختصة.

وقد بيّنت نتائج التقييم أن هذا البرنامج ساعد على:

 

تقليل أعراض الاكتئاب والقلق.

زيادة استعداد الأشخاص لطلب المساعدة النفسية.

كسر حواجز الصمت والخجل الاجتماعي تجاه المرض النفسي.

 

الوصمة النفسية: الخوف الأكبر من العلاج

تُظهر أبحاث Corrigan وآخرين (2024) أن أكبر عائق أمام طلب المساعدة ليس دائمًا المرض، بل نظرة الناس إليه.

 

فالوصمة:

تُشعر الأفراد بالخجل والعزلة.

تُقلّل من فرصهم في التفاعل المهني والاجتماعي.

تُؤخّر طلب الدعم حتى مراحل متقدمة وخطِرة.

ومن هنا فكسر الوصمة أمر لا بد منه؛ بأن نتحدث عنها، ونغيّر طريقة حديثنا عن المرض النفسي، ونعترف أن الصحة النفسية شأن إنساني لا يُخجل منه.

 

هل يمكن التعافي؟

تشير دراسات التأهيل النفسي إلى أن عديدًا من الأشخاص المصابين بالفصام وغيره من الاضطرابات النفسية المزمنة يمكنهم التعافي وظيفيًّا واجتماعيًّا؛ فبإمكانهم:

القدرة على العمل والمشاركة المجتمعية.

الاستقلال في السكن.

بناء علاقات صحية ومستقرة.

ولا يعني التعافي دائمًا زوال الأعراض كلها، بل القدرة على عيش حياة ذات معنًى برغم التحديات، وذلك من خلال خطط علاجية متكاملة، وبيئة مجتمعية تدعم وتحتضن (Corrigan et al., 2024).

 

من الرؤية إلى التطبيق: توصيات قابلة للتنفيذ

1.   دمج خدمات الصحة النفسية في مراكز الرعاية والمدارس والجهات المجتمعية.

2.   تدريب داعمين من ذوي الخبرة المـَعيشة (أي او أشخاص تعافوا وأصبحوا قادرين على دعم غيرهم).

3.   إطلاق حملات وطنية منظمة لتصحيح المفاهيم المغلوطة عن المرض النفسي.

4.   إشراك الأسرة والمدرسة والخطاب الديني والإعلامي في بناء بيئة داعمة.

5.   اعتماد مؤشرات تعافي شاملة تشمل: جودة الحياة، والعلاقات، والقدرة على اتخاذ القرار، وليس فقط الأعراض الطبية.

 

رسالة من وحدة الدعم النفسي المجتمعي:

كل إنسان يمر بظروف نفسية صعبة، لكن لا أحد يستحق أن يواجهها وحيدًا.

نؤمن في وحدة الدعم النفسي المجتمعي أن الرعاية تبدأ بالاستماع، وأن الصحة النفسية ليست ترفًا بل حقًّا.

والمجتمعات القوية ليست تلك التي تُقصي من يتألم، بل التي تُنصت له وتمنحه فرصة للحياة بكرامة.

 

في سطور..

الدعم النفسي يجب أن يكون جزءًا من الحياة اليومية.

الوصمة تقتل الثقة، والدعم يعيدها للحياة.

التعافي ليس غياب المرض، بل استعادة الذات برغم الألم.

المجتمع الحاضن أقوى من أي تدخل فردي معزول.

 

مصدر1 مصدر2 مصدر3 مصدر4